( 1 )
سعيدة أنني كتبت لخمسة أيام متواصلة .. حتى لو كانت كلمات مبعثرة ولا معنى
لها ، إلا أنها تسد ضمأ الروح للكلمات .. وتحقق خلوة مؤقتة مع الذات بعيدا عن صخب
المدينة وإلحاح العمل ..
الكتابة ، نشوة انتظار ما لا ينتظر ، وحدوث ما لا يحدث . إنها الترقب
القدري اللذيذ لشرارة الفكر والخيال ، وتلك الرغبة الملحة للانسكاب في الورق عبر
الكلمات .
إنه اليوم الاخير من أسبوعي الأول ..
لا أستطيع الادعاء بانني أنجرت شيئا ذا قيمة . كان أسبوعا عبثيا جدا ، لكنه
بداية جيدة للتعرف على العمل وأجوائه وزملاء العمل في كل حالاتهم.
لا أنكر ، لقد أحببت هذا المكان ، وأحببت هذه الخلية المتجانسة والجميلة .
الكل يعرف ماذا يريد ، وماذا يعمل . كل شيء منظم وجاد ، وأتساءل في نفسي ، هل سالحق بهم ؟
. أبدو شيئا مختلفا بينهم حتى الآن . هل لأنني لا زلت وجها جديدا عليهم ؟ هل أبدو
لهم جادة أكثر مما ينبغي ؟ هل علي أن اعود لصخبي لأشعر بقبولهم ؟
فالكل صاخب هنا .. لست أدري ...
( 2 )
للمدن موسيقاها المميزة ..
هنا في الطابق الثاني من هذا المبنى أسمع مزيجا غريبا من الأصوات ..
هنا ينطق صوت الحياة الحثيث ..
الصوت المميز لاحتكاك اطارات السيارات - العابرة في عجل - على الاسفلت،
يشكل أنفاس هذه السيمفونية الحية التي لا تهدأ ..
في مكان ما سيارت تطلق صفاراتها المختلفة الأصوت ، بين حاد يخترق الأفق
بسرعة ، ولزج يتمدد بثقل مع جزيئات الهواء ..
على النافذة ، قريبا جدا من أذني تهدل حمامتان رماديتان تعكس الشمس زوايا
خصراء لامعة في ريشها ..
صراخ وحديث دائم لمجهولين في كل مكان ..
ف داخل المكتب تعلو بعض الهمهمات الغيرة مفهومة ، وكلمات يتراشق بها الموظفون هنا وهناك تمازجها
ضحكات ودودة متقطعة ..
صوت حفيف الأوراق وصرير بعض الأقلام عليها ، يعلو عليها طقطقة لوحات مفاتيح الحاسوب ، أنين
مفاصل الكراسي ومزالج الأبواب ، الرنين
المختلف للهواتف النقالة والثابتة .. إنها موسيقى تفتح للحياة ذراعيها !!
طفول زهران
6 \ 2 \ 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق